responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 181
بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً قيل في الحرج هاهنا إنَّهُ الشَّكُّ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَأَصْلُ الْحَرَجِ الضِّيقُ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ التَّسْلِيمَ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ فِي وُجُوبِ تَسْلِيمِهِ وَلَا ضِيقِ صَدْرٍ بِهِ بَلْ بِانْشِرَاحِ صَدْرٍ وَبَصِيرَةٍ وَيَقِينٍ وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مَنْ رَدَّ شَيْئًا مِنْ أَوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ أَوَامِرِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْإِسْلَامِ سَوَاءٌ رَدَّهُ مِنْ جِهَةِ الشَّكِّ فِيهِ أَوْ مِنْ جِهَةِ تَرْكِ الْقَبُولِ وَالِامْتِنَاعِ مِنْ التَّسْلِيمِ وَذَلِكَ يُوجِبُ صِحَّةَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الصَّحَابَةُ فِي حُكْمِهِمْ بِارْتِدَادِ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ وَقَتْلِهِمْ وَسَبْيِ ذَرَارِيِّهِمْ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَكَمَ بِأَنَّ مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَاءَهُ وَحُكْمَهُ فَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَتْ طَاعَةُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَاعَةَ اللَّهِ تَعَالَى فَهَلَّا كَانَ أَمْرُ الرَّسُولِ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى قِيلَ لَهُ إنَّمَا كَانَتْ طَاعَتُهُ طَاعَةَ اللَّهِ بِمُوَافَقَتِهَا إرَادَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوَامِرَهُ وَأَمَّا الْأَمْرُ فَهُوَ قَوْلُ الْقَائِلِ افْعَلْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أمرا وأحد الآمرين كَمَا لَا يَكُونُ فِيهِ قَوْلُ وَاحِدٍ مِنْ قَائِلَيْنِ وَلَا فِعْلُ وَاحِدٍ مِنْ فَاعِلَيْنِ
قَوْله تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً قِيلَ الثُّبَاتُ الْجَمَاعَاتُ وَاحِدُهَا ثُبَةٌ وَقِيلَ الثُّبَةُ عُصْبَةٌ مُنْفَرِدَةٌ مِنْ عُصَبٍ فَأَمَرَهُمْ اللَّهُ بِأَنْ ينفروا فرقة بعد فِرْقَةٌ فِي جِهَةٍ وَفِرْقَةٌ فِي جِهَةٍ أَوْ يَنْفِرُوا جَمِيعًا مِنْ غَيْرِ تَفَرُّقٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَالضَّحَّاكِ وَقَتَادَةَ وقَوْله تعالى خُذُوا حِذْرَكُمْ مَعْنَاهُ خُذُوا سِلَاحَكُمْ فَسَمَّى السِّلَاحَ حِذْرًا لِأَنَّهُ يُتَّقَى بِهِ الْحَذَرُ وَيَحْتَمِلُ احْذَرُوا عَدُوَّكُمْ بِأَخْذِ سلاحكم كقوله تعالى وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ فَانْتَظَمَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْأَمْرَ بِأَخْذِ السِّلَاحِ لِقِتَالِ الْعَدُوِّ عَلَى حَالِ افْتِرَاقِ الْعُصَبِ أَوْ اجْتِمَاعِهَا بِمَا هُوَ أَوْلَى فِي التَّدْبِيرِ وَالنُّفُورُ هُوَ الْفَزَعُ نَفَرَ يَنْفِرُ نُفُورًا إذَا فَزِعَ وَنَفَرَ إلَيْهِ إذَا فَزِعَ مِنْ أَمْرٍ إلَيْهِ وَالْمَعْنَى انْفِرُوا إلَى قِتَالِ عَدُوِّكُمْ وَالنَّفَرُ جَمَاعَةٌ تَفْزَعُ إلَى مِثْلِهَا وَالنَّفِيرُ إلَى قِتَالِ الْعَدُوِّ وَالْمُنَافَرَةُ الْمُحَاكَمَةُ لِلْفَزَعِ إلَيْهَا فِيمَا يَنُوبُ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي يُخْتَلَفُ فِيهَا وَيُقَالُ إنَّ أَصْلَهَا أَنَّهُمْ كانوا يسئلون الْحَاكِمَ أَيُّنَا أَعَزُّ نَفَرًا وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ نَسْخٌ رَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ وَعُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تعالى فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً قَالَ عُصَبًا وَفِرَقًا وَقَالَ فِي بَرَاءَةٍ انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا الْآيَةَ وَقَالَ إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً الْآيَةَ قَالَ فَنَسَخَ هَذِهِ الْآيَاتِ قَوْله تَعَالَى وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ وتمكث

نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 181
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست